كان والدنا امده الله بموفور الصحة والعافية حريص ونحن صغار ان نقضي الأجازة السنوية الدراسية في البلد . وكان يوافقه في هذا الحرص الكثير من الاهل الذين اجبرتهم ظروف المعايش الى الهجرة بأسرهم الصغيرة وعوائلهم الى مدن السودان المختلفة غربا وشرقا ووسطا .
اذكر منهم العم سراج الدين فتح الرحمن والخال الفكي المعتصم ــ يرحمه الله ــ والخال هارون محمد الامين ــ يرحمه الله ــ والخال الخليفة محمد ادريس ــ يرحمه الله ــ وغيرهم .
كان وقتها اكثر ما يدهشني ولا افهمه ان جميع من تلتقي بهم في البلد هم من الاقارب والاهل . وكان الكل يحتفي بك ويتعامل معك برفق . كان الكبير قبل الصغير يفسح لك في مجلسه . ويستقبلك في بيته في أي غرفة وليس في الغرف الخارجية كما يحدث من حيث اتينا . نقطف احسن الثمار ونمتطي ما نشتهي من الحمير ولا يمانع احد منهم ان تسبح في النيل وهو يرافقك ليراقبك ويحميك .
كان سلام الحبوبات والخالات حيث يشدنك بقوة الى احضانهن حيث العاطفة والحنان والامان والسلام . سلام حرم اولادنا منه .
وعندما تلتقي بأحدهم كان هناك سؤال معتاد يربكني كثيرا ويحرجني "انت بتعرفني ؟ طيب انا بقرب ليك شنو؟؟"
ويظل في انتظار للأجابة . . لانه بعدها سيفسر لك صلة القرابة .